د.صالح زايد عاطف
الصيام يفيد مرضى ارتفاع ضغط الدم وقصور القلب
عدم إضافة الدهون الحيوانية إلى الطعام ضروري لتلافي «زيادة الكولسترول» بالدم
الكشف عن المشاكل القلبية،البعض لا يعيره أي أهمية ولا يعتبره دافعاً للجوء إلى طبيب مختص.. فعلاج هذه الأمراض في البداية أجدى وأضمن لدرء خطرها،قبل أن تتطور ويصير علاجها أكثر تعقيداً لا طائل للشفاء منها بسهولة وللحيلولة دون تردي الأوضاع المفضية إلى انتكاسة قد تكون مميتة.. وسوف نسلط الضوء على مشكلتين مرضيتين فيهما من الخطورة الكبيرة على المصابين المهملين لحالاتهم، لما يتطلبه مرضاها في رمضان من عناية واهتمام من الجانبين الصحي والغذائي تلافياً للمضاعفات والاعتلالات..كلتا المشكلتين هما : قصور القلب وارتفاع ضغط الدم.
في اللقاء الذي جمعنا بالدكتور صالح زايد عاطف ـ استشاري أمراض القلب، ينصب النقاش حول هاتين المشكلتين ، وفيه أيضاً بيان أسبابهما ودعوايهما مع توضيح الشروط والمعايير والوصفات الغذائية الملائمة والمعيّنة لمرضى قصور القلب وارتفاع ضغط الدم على صيام دونما خطورة.
ضغط الدم الشرياني
üارتفاع ضغط الدم مشكلة ذائعة الصيت بسبب انتشارها الكبير فما المقصود بارتفاع ضغط الدم؟ وما أنواعه وأسبابه؟
ارتفاع ضغط الدم الشرياني،يمكن تعريفه بأنه ارتفاع الضغط في الشرايين الصغيرة المنتشرة في جميع اجزاء الجسم؛وينقسم إلى قسمين أساسيين:
ـ أولي «أساسي»: يصيب الفئة العمرية فوق الأربعين،وأحياناً يصيب ما دونها.
ـ ثانوي: لاتتعدى نسبة الإصابة به «10%» من مجموع مرضى ضغط الدم،وأهم مسبباته أمراض الكلى واختلال الوظائف الهرمونية للغدد الصم بالجسم.
وهذه الفئة إذا ماشُخصت أمكن معالجتها تماماً، بمعالجة السبب.
بينما أسباب النوع الأول غير معروفة إلا أن ثمة عوامل تسهم في تطوره لمن لديهم قابلية وراثية للإصابة به.
ومن هذه العوامل مثلاً:
ـ التقدم في العمر «أي بعد الخامسة والثلاثين»
ـ السمنة.
ـ عدم ممارسة الرياضة أو العمل العضلي.
ـ التدخين.
ـ إدمان المسكرات والمخدرات.
ـ زيادة نسبة الدهون في الدم.
ـ الإفراط في تناول الملح في الأكل.
ـ وتسهم فيه أو بتفاقمه كذلك بعض الأمراض، مثل «داء السكري ـ تصلب الشرايين».
ملامح ارتفاع الدم
ü أما من أعراض واضحة تعطي دلالة واضحة على الإصابة بارتفاع ضغط الدم لاسيما وأن المرض ـ على حد علمي ـ كثيراً ما يكتشف بالمصادفة؟
غالبية المرضى لا يشعرون بارتفاع الضغط الشرياني الأساسي لانعدام وجود اعراض أو شكوى منه.
ونحن ننصح الأطباء بدورنا كل من تجاوز الأربعين من العمر بقياس ضغط دمه ولو لمرة واحدة في العام من قبيل الاحتياط والتأكد إن وجود ارتفاعاً في الضغط الشرياني من عدمه.
ضغط الدم ومعادلة الصيام
üكيف يتسنى لمرضى ارتفاع الدم قياس ضغط دمهم باستمرار؟ وماذا عن إمكانية صيامهم الشهر الكريم من عدمه؟ وهل ثمة نصائح توجهها في هذا الشأن؟
الأمر في غاية السهولة لتوفر أجهزة قياس ضغط الدم في كل مكان، حتى في بعض القرى النائية، علاوة على ذلك سهولة استخدامها، وهو قياس ضروري للغاية.
وطبياً تتحدد شكوى هذه الشريحة من المرضى من صداع دائم أو متكرر ودوار أو دوخة، طنين في الآذان أو اختلالات في الرؤية.
واجد في صوم مرضى ضغط الدم أهمية إذا ما التزموا فعلياً بتعاليم المصطفى صلى الله عليه وسلم ،حيث قال "صوموا تصحوا" وكذا بنصائح الاطباء المختصين.
فبقاء الصائم فترة طويلة تزيد على أربعة عشر ساعة يومياً ولمدة شهر كامل دون شربه للسوائل يومياً،يساعد على خفض كمية السوائل بالجسم، ومن ثم انخفاض ضغط الدم، وهو ما يسعى إليه الاطباء عند وصفهم المدرات البولية التي تخفف كمية السوائل لدى مرضى ضغط الدم الشرياني.
كما يساعد الصيام في تخفيف وزن مرضى الضغط الشرياني وتقليل نسبة الدهون في دمهم وبخاصة «الكوليسترول» الضار، مما يسهم في تراجع وانخفاض ضغط الدم عند المصابين بالارتفاع.
كل هذه الفوائدة يمكن أن يجنيها المريض بارتفاع ضغط الدم خلال الشهر الكريم ،شريطة ألا يعمد بعد الإفطار إلى شرب سوائل كثيرة في فترة قصيرة،وألا يكثر من تناول الأطعمة المشبعة بالدهون، فقد جرت العادة أن تزخر بها الموائد الرمضانية،.وننصح مرضى ارتفاع ضغط الدم بتخفيف الملح في الطعام، لأن زيادة تناوله تؤدي إلى ارتفاع الطلب على السوائل جراء العطش الذي يسببه الملح،وبالتالي زيادة ارتفاع ضغط الدم.
أيضاً المريض بارتفاع ضغط الدم مطالب بعدم تحويله نهار رمضان إلى ليل وليله إلى نهار.حتى لا يفقد الفوائد الكبيرة التي سيعود بها الصيام عليه ولاتتحول العوامل الآنفة الذكر إلى عوامل سلبية تساعد على تفاقم حالة المرض لعدم إدراكه للحكمة من فرض المولى جل شأنه للصيام.
قصور القلب
üننتقل إلى مشكلة قلبية أخرى وهي قصور القلب...فهلا وضحت هذا النمط المعاناة القلبية ومكمن المشكلة في حدوثها؟
قصور القلب ـ بالمفهوم العام ـ هو عدم قدرة عضلة القلب على ضخ كمية كافية من الدم إلى أعضاء الجسم المختلفة لمدها بما تحتاج إليه من الاكسجين والمواد الغذائية اللازمة لإنتاج الطاقة الأساسية لهذه الأعضاء لأداء وظائفها.
وهناك أشكال متعددة ومتنوعة لقصور القلب ليس بالضرورة ذكرها، وما يهمنا هنا تعريف المصاب بقصور في القلب واكتشافه في وقتٍ مبكر حتى يتسنى للمريض عرض نفسه على الطبيب المختص.
أعراض قصور القلب
ü كيف تبدو أعراض الإصابة بقصور القلب؟وما مؤشرات ودلالات الخطورة في أعراضه؟
أعراض قصور القلب تبدأ بالشعور بضيق في التنفس عند بذل أي مجهود، ولا يظهر هذا في أوقات الراحة، يلى ذلك حصول نوبات ضيق التنفس اثناء النوم مصحوباً ببعض نوبات السعال أحياناً،ثم في مرحلة لاحقة عندمايصيب هذا القصور الجزء الأيمن من القلب...يؤدي إلى تورم في الأطراف السفلية واحتقان في الكبد يظهر على شكل انتفاخ في الجانب الأيمن للبطن وألم في منطقة الكبد بسبب احتقان السوائل فيها، وأخيراً استسقاء في البطن،أي امتلاء تجويف البطن بالسوائل.
القصور القلبي والصيام
ü ما الأوضاع المسموح وكذا غير المسموح بها فيما يتعلق بصيام مرضى القلب؟وما الأنماط الغذائية والمعيشية التي تنصحهم بها؟
من يعانون من قصور في القلب يمكنهم الصيام طالما أن وضعهم الصحي مستقراً وسمح به الطبيب المعالج، وغالباً ما ننصح مريض قصور القلب الصائم أن يبدأ إفطاره بتناول سوائل دافئة بكمية قليلة جداً، وألا يتناول الوجبات التي تحتوي على نسبة عالية من الأملاح واجتناب المخلالات.
وبالمقابل ننصحه بتناول كميات كافية من الخضراوات التي تحتوي على نسب عالية من الفيتامينات، كالسلطة بأنواعها «الجزر ـ الخيارـ الملفوف » وغيرها.
كما ينبغي ـ حقيقة ـ أن تجزأ وجباته وتقسم إلى عدة وجبات صغيرة، وألا يُكثر من الطعام أو من شرب كمية كبيرة من السوائل، كما جرت عليه العادة لدى الكثير من الصائمين.
وهذه النصيحة بالمناسبة تفيد حتى الاصحاء في تفادي أمراض الجهاز الهضمي.
ولا بأس من تناول المريض بقصور القلب كمية قليلة من الحلوى ،شرط عدم إضافة الدهون الحيوانية عليها عند تحضيرها لتلافي زيادة نسبة «الكوليسترول» بالدم الذي يؤدي إلى تفاقم أو زيادة تصلب الشرايين ،ومنها شرايين القلب التي قد تكون السبب في حالة القصور القلبي الذي يعاني منه المريض.
وكحال مرضى ارتفاع ضغط الدم الشرياني يمنع مرضى قصور القلب أو عجزه من زيادة تناول الأملاح، لكي لا يزيد طلبهم على السوائل التي بدورها تفاقم هذا القصور أو العجز.
نصائح أخرى
üهل لك أن تضيف نصائح أخرى لمرضى القلب،وتحديداً لمرضى ارتفاع ضغط الدم وكذا مرضى قصور القلب؟
احب أن أضيف إلى أن من الفوائد المؤكدة للصيام عموماً، انعكاس هدوء النفس وروحانيتها على قلوب الصائمين مما يساعد مرضى القلب على الشفاء أو التحسن خلال الشهر المبارك.
ولا يفوتني التنويه بأن الشهر الكريم مناسبة مثالية لترك الكثير من العادات السيئة التي أثبتت دراسات كثيرة تأثيرها الضار على القلوب السليمة، فكيف بمن يعاني مشكلة قلبية كقصور القلب وأمراض الشرايين أو الصمامات أو غيرها؟
ومن هذه العادات السيئة تناول القات والتدخين السجائر وكافة أشكال التدخين..كذلك تعاطي «الشمة» فهي من العادات الاجتماعية السلبية ومردودها سيء على صحة متعاطيها،بل أنها بمثابة عوامل خطورة للإصابة بتصلب الشرايين،مما قد يؤدي إلى احتشاء عضلة القلب «حدوث جلطة قلبية».
لذا أدعوا جميع المدمنين سواءً على القات أو الدخان، أدعوهم لانتهاز فرصة الشهر الكريم الذي يتغير فيه النظام الغذائي للإقلاع عن هذه العادات المضرة بصحتهم.
كما أتمني على كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية العمل معاً بالتنسيق مع جهات الاختصاص المعنية بمكافحة هذه الآفات للعمل معاً وفق خطة مدروسة لتؤتي ثمارها وأن تكرس وزارة الصحة العامة والسكان دورها مع الجهات المعنية وذات العلاقة في منع التدخين في الأماكن العامة والمغلقة ووسائل المواصلات.
داعياً جميع مرضى القلب ممن يتناولون أدوية خلال الشهر الكريم إلى استشارة الاطباء المعالجين ليبينوا لهم ما إذا كانوا قادرين على تحمل الصيام أم لا، لأن مرضى القلب ليسوا سواء في المعاناة،إنما أمراضهم متباينة في نوعيتها ومدى خطورتها وتتفاوت درجة تأثرهم بها، وكل مريض على حدة بحاجة إلى إعادة تقييم لحالته وإعادة ترتيب العلاج وفقاً لذلك.
ووفق الله الجميع لطاعته وأعانهم على نيل مرضاته في هذا الشهر الكريم وأفاض عليهم فيه الخير والمعافاة.